انسحاب أميركي من سوريا وإسرائيل تتحسب للسيناريوهات الأسوأ التاسعة

انسحاب أميركي من سوريا وإسرائيل تتحسب للسيناريوهات الأسوأ التاسعة: تحليل معمق

يشكل فيديو اليوتيوب المعنون انسحاب أميركي من سوريا وإسرائيل تتحسب للسيناريوهات الأسوأ التاسعة والذي يمكن الوصول إليه عبر الرابط https://www.youtube.com/watch?v=n_T9yyU9yoDc مادة دسمة تستحق التحليل والتفكيك، لما تحمله من دلالات وتنبؤات حول مستقبل الصراع في المنطقة، وتأثير السياسات الأمريكية المتقلبة على حلفائها، وعلى رأسهم إسرائيل. يتناول الفيديو قضية محورية تتمثل في إمكانية انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، والسيناريوهات الكارثية التي يمكن أن تترتب على هذا الانسحاب، خاصةً بالنسبة لإسرائيل التي تعتبر هذا التواجد الأمريكي بمثابة صمام أمان ضد توسع نفوذ إيران وحلفائها في المنطقة.

الخلفية الجيوسياسية: سوريا كساحة صراع إقليمي ودولي

لفهم التخوف الإسرائيلي من الانسحاب الأمريكي، يجب أولاً استيعاب طبيعة سوريا كساحة صراع إقليمي ودولي معقدة. فمنذ اندلاع الحرب الأهلية السورية، تحولت البلاد إلى بؤرة جذب للقوى المتنافسة، كل منها يسعى لفرض نفوذه وتحقيق مصالحه. إيران، من خلال دعمها لنظام بشار الأسد وحزب الله، عززت من وجودها العسكري والاستراتيجي في سوريا، مما أثار قلق إسرائيل التي تعتبر هذا التواجد تهديدًا وجوديًا لها. روسيا، من جانبها، تدخلت عسكريًا بشكل مباشر لدعم نظام الأسد، وحافظت على وجود عسكري قوي في البلاد، مما جعلها لاعبًا رئيسيًا في المعادلة السورية. أما الولايات المتحدة، فقد تدخلت في البداية لدعم فصائل المعارضة السورية، ثم ركزت جهودها على محاربة تنظيم داعش، وحافظت على وجود عسكري محدود في شمال شرق سوريا، بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد). هذا الوجود الأمريكي، وإن كان محدودًا، إلا أنه كان له تأثير رادع على تحركات إيران وحلفائها، ويمنعهم من التوسع بشكل كبير في المنطقة.

الانسحاب الأمريكي: هل هو حقيقة أم مجرد تهديد؟

لطالما كانت فكرة الانسحاب الأمريكي من سوريا تطفو على السطح، خاصةً في ظل الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي بدت مترددة في الالتزام بدور طويل الأمد في سوريا. الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، على وجه الخصوص، كان صريحًا في رغبته في سحب القوات الأمريكية من سوريا، واعتبر أن هذا الوجود مكلف وغير ضروري. على الرغم من أن ترامب لم يتمكن من تنفيذ الانسحاب الكامل خلال فترة ولايته، إلا أنه قلص الوجود الأمريكي بشكل كبير. أما إدارة بايدن الحالية، فقد أبقت على الوجود الأمريكي المحدود في سوريا، لكنها لم تعلن عن استراتيجية واضحة ومستدامة للمستقبل. هذا الغموض في السياسة الأمريكية يثير قلق إسرائيل، ويدفعها إلى الاستعداد للسيناريوهات الأسوأ، بما في ذلك الانسحاب الأمريكي المفاجئ.

السيناريوهات الأسوأ لإسرائيل بعد الانسحاب الأمريكي

يتناول الفيديو مجموعة من السيناريوهات الكارثية التي يمكن أن تواجهها إسرائيل في حال انسحاب القوات الأمريكية من سوريا. من بين هذه السيناريوهات:

• توسع النفوذ الإيراني: يعتبر هذا السيناريو هو الأكثر تخوفًا بالنسبة لإسرائيل. فبعد الانسحاب الأمريكي، ستجد إيران وحلفاؤها، وعلى رأسهم حزب الله، الفرصة سانحة لتعزيز وجودهم العسكري والاستراتيجي في سوريا، والتحكم في مناطق واسعة من البلاد. هذا سيسمح لإيران بنقل المزيد من الأسلحة والمقاتلين إلى سوريا، وتهديد إسرائيل بشكل مباشر من الحدود الشمالية.
• تصاعد التوتر مع حزب الله: يعتبر حزب الله اللبناني، المدعوم من إيران، من أكبر التهديدات الأمنية لإسرائيل. بعد الانسحاب الأمريكي، قد يشعر حزب الله بالجرأة لتصعيد التوتر مع إسرائيل، وتنفيذ عمليات عسكرية ضدها. هذا قد يؤدي إلى اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله، والتي ستكون لها تداعيات كارثية على المنطقة بأسرها.
• فراغ أمني واستغلاله من قبل التنظيمات المتطرفة: قد يؤدي الانسحاب الأمريكي إلى خلق فراغ أمني في شمال شرق سوريا، والذي يمكن أن تستغله التنظيمات المتطرفة، مثل تنظيم داعش، لإعادة تنظيم صفوفها وتنفيذ عمليات إرهابية في المنطقة. هذا قد يزيد من حالة عدم الاستقرار في المنطقة، ويهدد الأمن القومي الإسرائيلي.
• تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها الأكراد: يخشى الأكراد، الذين يشكلون العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، من أن تتخلى عنهم الولايات المتحدة بعد الانسحاب، وتتركهم عرضة للهجوم من قبل تركيا. هذا قد يؤدي إلى اندلاع صراع جديد في المنطقة، وزعزعة الاستقرار بشكل أكبر.
• تأثير على العلاقات الإسرائيلية العربية: يرى الفيديو أن الانسحاب الأمريكي المحتمل قد يؤثر سلبًا على العلاقات الإسرائيلية العربية، خاصةً بعد اتفاقيات التطبيع الأخيرة. الدول العربية التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل قد تشعر بالقلق من تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها في المنطقة، وتراجع دورها في الحفاظ على الأمن والاستقرار.

إسرائيل والتحسب للسيناريوهات الأسوأ

في ظل هذه المخاوف، تتخذ إسرائيل مجموعة من الإجراءات الاستباقية للتحسب للسيناريوهات الأسوأ. من بين هذه الإجراءات:

• تعزيز التعاون الأمني مع الولايات المتحدة: تسعى إسرائيل إلى تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي مع الولايات المتحدة، لضمان حصولها على الدعم اللازم في حال تدهور الأوضاع في سوريا.
• تطوير قدراتها العسكرية: تعمل إسرائيل على تطوير قدراتها العسكرية، وخاصةً في مجال الدفاع الجوي والهجوم السيبراني، لتمكينها من مواجهة أي تهديدات محتملة من سوريا أو لبنان.
• ممارسة الضغط الدبلوماسي على المجتمع الدولي: تسعى إسرائيل إلى ممارسة الضغط الدبلوماسي على المجتمع الدولي، لحثه على التدخل لمنع إيران من التوسع في سوريا، والحفاظ على الاستقرار في المنطقة.
• التواصل مع روسيا: تحافظ إسرائيل على قنوات اتصال مفتوحة مع روسيا، بهدف تنسيق الجهود ومنع التصعيد في سوريا.
• الاستعداد لعمل عسكري استباقي: لا تستبعد إسرائيل القيام بعمل عسكري استباقي ضد أهداف إيرانية أو لحزب الله في سوريا، في حال شعرت بأن تهديدًا وشيكًا يهدد أمنها القومي.

الخلاصة

يتضح من خلال تحليل الفيديو أن الانسحاب الأمريكي المحتمل من سوريا يشكل مصدر قلق كبير لإسرائيل، ويدفعها إلى التحسب للسيناريوهات الأسوأ. إسرائيل تعتبر أن الوجود الأمريكي في سوريا بمثابة عامل استقرار، ويمنع إيران وحلفائها من التوسع في المنطقة. الانسحاب الأمريكي قد يخلق فراغًا أمنيًا يمكن أن تستغله التنظيمات المتطرفة، ويسمح لإيران بتعزيز وجودها العسكري والاستراتيجي في سوريا، مما يشكل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل. في ظل هذه المخاوف، تتخذ إسرائيل مجموعة من الإجراءات الاستباقية، بما في ذلك تعزيز التعاون الأمني مع الولايات المتحدة، وتطوير قدراتها العسكرية، وممارسة الضغط الدبلوماسي على المجتمع الدولي، والاستعداد لعمل عسكري استباقي. مستقبل سوريا والمنطقة يعتمد بشكل كبير على القرارات التي ستتخذها الولايات المتحدة، وعلى قدرة إسرائيل على مواجهة التحديات المتزايدة التي تواجهها.